- دراسة يجيبك فيها الإمام فخر الرازي عن 50 سؤال من خلال تفسيره مفاتيح الغيب يوسف عليه السلام بين مكر الإخوة وكيد النسوة من مباحث قرآنية عامة
يوسف عليه السلام بين مكر الإخوة وكيد النسوة
المؤلف: الفخر الرازي - محمد علي أبو العباس
المحقق: محمد علي أبو العباس
الناشر: مكتبة الساعي
نبذة عن الكتاب: - دراسة يجيبك فيها الإمام فخر الرازي عن 50 سؤال من خلال تفسيره مفاتيح الغيب
الحمد لله الذي قص علينا أحسن القَصَص، فَحُق لها أن تسمى بذلك فأبطالها الكريم ابن الكريم ابن الكريم ابن الكريم يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم مُمَثلاً مع أبيه النفس الطيبة، وأخوة يوسف وأمرأة العزيز وزوجها والشيطان ممثلين النفس الخبيثة. في هذه القصة إجتمع على يوسف أعظم أكياد الدنيا: كيد النسوه (إِنَّهُ مِن كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ) سورة يوسف آية 28، وكيد الإخوه (اقتلوا يوسف أو اطرحوه أرضا يخل لكم وجه أبيكم) سورة يوسف آية 9، وكيد الشيطان (فَأَنْسَاهُ الشَّيْطَانُ ذِكْرَ رَبِّهِ) سورة يوسف آية 42، ولكن الفارق أن كيد الشيطان كان أضعفهم !! (إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا) سورة النساء آية 76 لأن كيد الشيطان يبقى محصوراً في الوسوسة مالم يجد نفساً خصبة لتحقيقه.
فلنبدأ القصة ... كفلته عمته منذ صغره وتعلقت نفسها به، فلما اشتد قليلاً أراد أبوه أن يأخذه منها، فضنَّت به وكادت له وألبسته منطقة لإِبراهيم كانت عندها وجعلتها تحت ثيابه، ثم تظاهرت بأنها سُرقت منها، وبحثت عنها حتى أخرجتها من تحت ثياب يوسف، وطلبت بقاءه عندها يخدمها مدةً جزاءً له بما صنع، وبهذه المكيده استبْقَتْه عندها، وكف أبوه عن مطالبتها به. ولعل تلك المكيدة هي التي قصدها إخوة يوسف في محادثتهم معه حينما بدرت منهم بادرة أسرها يوسف في نفسه، إذ قالوا: (إن يسرق فقد سرق أخ له من قبل)، يشيرون إلى الحادثة التي اصطنعتها عمته حينما كان صغيراً لتستبقيه عندها فكانت هذه الحادثة أولى فصول كيد النساء له منذ نعومة أظفاره.
بعدها عندما كبر يوسف قليلاً تعرض لكيد من نوع آخر فأراد إخوة يوسف التفريق بينه وبين أبيه بعد وسوسة الشيطان لهم بأنه أحب إلى أبيهم منهم، فكادوا له واحتالوا لذلك بأنواع من الحيل، وكذبوا عدة مرات، وزوروا على أبيهم في القميص والدم الذي فيه، وكأني أرى قصة يوسف حاضرةً متكررةً في أيامنا هذه بشكل متواتر ولكن مع إختلاف أبطال وشخصيات القصة، فاجتمع كيد الإخوة مع كيد الشيطان فعَظُم كيد الشيطان حينما توفرت معه النفسية السيئة لإخوة يوسف التي لم تنتظر من شدة غيرتها لتُحْبك قصة الذئب التي إختلقها أبوهم ليمنع عنهم يوسف، فأتوه عشاء يبكون في أول خروج لهم مع يوسف، فلم تسعفهم نفسيتهم السيئة وتسرعهم في أن يختلقوا قصة أخرى أو أن ينتظروا لمرات لاحقة حتى يطمئن أبوهم لهم ويحبكوا قصتهم وكذبتهم، بل من شدة تسرعهم نسوا تمزيق قميص يوسف ليثبتوا اِعْمال مخالب وأنياب الذئب فيه فكان واضحاً لأبيهم كذبهم (قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْرًا)، ولكنه الحسد الذي تحول مع تراكمه في قلوبهم لحقد أعمى بصيرتهم فاقترح أقلهم حقداً بالإلقاء في غيابة الجب بدلاً من القتل أو الطرح أرضاً، يقصد من ذلك النفي والإبعاد ليهربوا من خطيئة القتل وليروق لهم الجو مع أبيهم فتزول عقدة الحسد والغِيرة عنهم، وكثيراً ما استخدم هذا الإسلوب على مر العصور. حينها بعد أن أجمع الإخوة كلهم إجماعاً ظالماً على نوعية المكيده لأخيهم يوسف (فَلَمَّا ذَهَبُوا بِهِ وَأَجْمَعُوا أَنْ يَجْعَلُوهُ فِي غَيَابَةِ الْجُبِّ) فالإخوة قد يجتمعون على ضلال وكثيراً ما يحصل في أيامنا هذه، جاءت البشرى الإلاهية (وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ لَتُنَبِّئَنَّهُمْ بِأَمْرِهِمْ هَذَا وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ)، فلتخبرنهم يا يوسف بهذا الكيد ولتنتصرن عليهم ليزيد من صبره وعزيمته وقوته في مواجهة الكيد في أكثر أوقات يوسف ضعفاً حين ألقي في البئر، وهذا أسلوب رباني استخدمه الله مع يوسف أيضاً في بداية القصة حينما أراه الله نهاية القصة قبل أن تبدأ (يَا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ). والشاهد هنا أن الكيدين الأول والثاني استمرا مع يوسف لسنوات طوال دون أن ينقشعا.
قراءة و تحميل كتاب فوائد مستنبطة من قصة يوسف عليه السلام PDF مجانا
قراءة و تحميل كتاب حياة الأنبياء صلوات الله عليهم بعد وفاتهم (ت: الغامدي) PDF مجانا